النكبة".. ذكرى الشهداء الأردنيين أيضا

لماذا تتعمد الجهات الرسمية تجاهل المناسبة وتقييد النشاطات الشعبية لإحيائها؟

يثير الموقف الرسمي من ذكرى نكبة فلسطين التي تصادف اليوم حيرة الكثيرين واستهجانهم. على مستوى الإعلام الرسمي المناسبة لا تحظى بأي اهتمام، ويتعمد المعنيون بتلك المؤسسات التعتيم على النشاطات التي تنظمها فعاليات شعبية لإحياء الذكرى. ولم يتردد الحكام الإداريون في أكثر من محافظة من منع إقامة نشاطات كانت جهات نقابية وحزبية تنوي تنظيمها.

بقدر ما كانت النكبة كارثة على الفلسطينيين والعرب عموما فإنها في ذات الوقت مناسبة أردنية بامتياز تستحق برنامجا رسميا لإحيائها كل عام.

كان الأردن وما زال أكثر المتضررين من احتلال فلسطين وما تلا النكبة من تداعيات ومآس إنسانية.

ولا افهم كيف يمكننا في الأردن أن نتجاهل حرب عام 1948 وجيشنا العربي قدم فيها اكبر التضحيات، ففي المواجهة مع العصابات الصهيونية المدعومة من البريطانيين سقط نحو 2500 شهيد أردني من أبناء القوات المسلحة التي قاتل أفرادها ببسالة وشجاعة دفاعا عن القدس. وسجل العدو قبل الصديق للأردنيين الاعتراف بأنهم الأكثر شجاعة وإقداما في المعارك، وإسرائيل لا تنسى حتى اليوم قتلاها في تلك المعارك وتكرس احتفالاتها المستمرة منذ أيام لإحياء ذكراهم فكيف ننسى نحن شهداءنا وأبطالنا؟!

وحري بنا في هذا اليوم أن نتوقف عند الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك في الذكرى الأربعين لمعركة الكرامة المجيدة، يومها قال جلالته "مهما تبدلت الظروف والأحوال، ستبقى معارك الجيش العربي وتضحياته، وأسماء الشهداء وبطولاتهم، أوسمة فخر واعتزاز، يعلقها كل مواطن أردني على صدره، لأنها تاريخنا وهويتنا التي لا يمكن أن ننساها، ولا نقبل المساومة عليها، أو إنكارها أو الانتقاص منها، من أي جهة كانت"، انتهى الاقتباس.

تختصر هذه الفقرة من الخطاب الملكي الكثير من الشرح والكلام، فهي تؤسس لموقف وطني جامع من الصراع مع إسرائيل، وترد بحزم على فئة حاولت وتحاول كتابة تاريخ جديد للعلاقة يشطب تضحيات الأردنيين ودورهم في الصراع الذي ما زال مفتوحا.

مهما كانت الظروف السياسية اليوم والمعطيات الدولية وموازين القوى علينا كأردنيين أن نتذكر دائما أن الإسرائيليين في هذه الذكرى يرقصون على دماء شهدائنا بعد أن اغتصبوا أرضا ليست لهم وشردوا شعبا شقيقا. وما زلنا في الأردن وفلسطين ندفع ثمن ذلك اليوم الحزين. فمعالم النكبة ونتائجها ماثلة حتى اليوم في بلادنا.

والذكرى الستون لاغتصاب فلسطين تحل فيما الصراع مع إسرائيل يستعيد طابعه الجوهري بعد أن انهارت جهود السلام وتبددت كل محاولات المصالحة التاريخية التي بادر إليها العرب.

إن الرد على عنجهية إسرائيل ورفضها للسلام يكون بإحياء الصراع من جديد واستذكار محطاته وتسمية الأمور بأسمائها من دون مواربة.

عن العرب اليوم.

مشكور على الموضوع الرائع